الأربعاء 05 تشرين ثاني , 2025 03:03

متى تُحاسَب MTV على "خدماتها" لإسرائيل؟

منذ سنوات باتت قناة المر التلفزيونية اللبنانية (MTV)، ظاهرة إعلامية تعادي شريحة كبيرة من اللبنانيين والمقاومة، بطريقة لا يمكن تجاهلها، بحيث تعتمد سلوكاً بعيداً عن حدود الحرية الإعلامية، حوّلها من وسيلة إعلامية الى أداة تخدم عدو الوطن: الكيان المؤقت.

ووفقاً لما يظهر من أدائها الإعلامي ومنسوباته المختلفة – منذ سنوات وليس الآن فقط -، تُوجَد إشارات متكررة ومتعددة تدل على أن قناة المر وجريدة نداء الوطن التي باتت منذ أشهر تابعة لها، لا تكتفِ بانتقاد المقاومة والسياسات الوطنية، بل اتخذت من منصاتها منبرا للترويج الإعلامي للعدو، بما يثير الشكوك ويستدعي المحاسبة السياسية والإعلامية.

هكذا تروّج لمنظومة الشعاع الحديدي الإسرائيلية بمواجهة المقاومة

فعندما يتحول المحتوى الإعلامي إلى ما قد يفيد العدو عسكرياً أو نفسياً، أو عندما تُعرض معلومات حساسة يمكن أن تُستخدم ضد لبنان، يتوقف الأمر عند حدود حرية التعبير ويدخل في خانة الأمن الوطني والمسؤولية المهنيةوهذا جوهر الخلاف ما بين المقاومة (والوسائل الإعلامية التابعة والمناصرة لها)، وما بين هذه المؤسسة الإعلامية وأخواتها، التي تُحاول تصوير نفسها فيه كضحية لا كمذنبة، على إثر عرض قناة المنار لتقرير تلفزيوني يتنقد أحد مقالات "نداء الوطن".

فتقرير قناة المنار حول مقال نشرته :نداء الوطن: بعنوان "الممر الإيراني لتهريب السلاح الى الحزب" دون أن ينسبه كاتب المقال الى المصدر الحقيقي للمزاعم وهو "معهد ألما الإسرائيلي" المعروف بعلاقته بأجهزة استخبارات العدو، بل عمد الى "التحايل" على القراء عبر نسب معلومات المعهد الإسرائيلي الى "مصادر متابعة" و"التقارير الأمنية" و "المعلومات" وكأنه مسلّمات. أما المشهد الذي اعتبرته هذه القناة "هدر دم" و"رسالة تهديد مبطّنة"، فما هو إلا مشهد التقطته كاميرا أحد المحلات التجارية يوثّق اعتداءً إسرائيلياً في جنوبي لبنان (لعلّ رئيس مجلس إدارة قناة المر تي في يعقل بأن هكذا مسار إعلامي سيكون تأثيره حتماً مساعدة الاحتلال على ارتكاب عدوانه ضد لبنان).

مع العلم بأنه سبق لهذه القناة أن ارتكبت خلال الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، الكثير من الأخطاء الجسيمة التي كان يجب على القضاء اللبناني محاكمتها عليها مثل: التحريض على قصف النازحين في مراكز الإيواء، والتحريض على استهداف المسعفين ومنازل المدنيين، والتماهي مع سردية كيان الاحتلال الإسرائيلي في أخبارها وبرامجها، والمشاركة في الحرب النفسية التي شنّت على المجتمع اللبناني، وشنّ حملات إعلامية ضد مؤسسات إجتماعية تابعة للمقاومة كمؤسسة القرض الحسن ما أدى – مباشرة أم بشكل غير مباشر – الى استهدافها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي.

وفي سياق متصل، ما يُلاحَظ في أسلوب MTV هو تناوبها بين تبني خطاب يقلّل من دور المقاومةويسيْ إليها، والترويج لما يخدم الرواية الإسرائيلية في لحظات حساسة. ولا يبدو هذا النوع من التكرار كأخطاء مهنية عرضية أو كآراء منفردة؛ بل كخيار استراتيجي في بناء خط سياسي – إعلامي يضع نفسه في حال من التماهي مع الخطوط التي تصبّ في صالح إسرائيل وحدها.

مقارنة لازمة: هكذا تستفيد وسائل المقاومة من وسائل إعلام إسرائيل؟

وفي معرض دفاع القناة عن قرار الصحيفة الاستفادة من مصادر الإسرائيلية في بناء تقاريرها أو نشر مقالات الصحيفة، قامت القناة بمقارنة فعلها مع ما يقوم به موقع الخنادق وتلفزيون المنار ووسائل الإعلام المقاومة، من ترجمة مقالات وتقارير نشرها الإعلام الإسرائيلي.

لذا يجب الإلفات الى ما يلي:

_الإعلام المقاوم في ممارساته المتكررة، يستقي من المصادر الإسرائيلية، ويُعيد صياغة ما يكون في خدمة الجمهور اللبناني: من نقل تصريحات مسؤولي الكيان التي تهمّ اللبنانيين، فيحللها، ويضعها في سياقها، ويحوّل هذه المواد الإعلامية إلى مادة تزيد من وعي الداخل، وتدفع نحو التضامن الوطني، وتتصدى للحرب النفسية الإسرائيلية. وهذا الأسلوب احترافي وسياسي ذكي: لأنه يمنع الانعزال الإعلامي، ويحوّل أي معلومة متاحة لصالح لبنان ومقاومته ومجتمعه.

في المقابل، ما نراه في بعض ما يُنشر عبر منصات MTV هو تبنٍّ وتكرار غير ناقد لموادٍ تأتي من قنوات أو مؤسسات إعلامية إسرائيلية بما يؤدي أهداف الأخيرة.

_يستخدم موقع MEMRI )الذي يعرف عن نفسه بأنه مؤسسة رصد إعلامية صهيونية) مواقف إعلاميي قناة MTV ضد حزب الله للتحريض على المقاومة.

_ المر TV من حيث تعلم أو لا تعلم تساعد كيان الاحتلال الإسرائيلي في إثارة جو التهويل، والأخطر هو تعمّد القناة "ترجمة" الاعتداءات الإسرائيلية الى رسائل ضد الدولة اللبنانية لتحريضها ضد المقاومة!!

من يدير القناة

ولكي نعرف ما السبب وراء سلوك هذه القناة ضد المقاومة وضد لبنان، يجب التذكير بأن من يترأس مجلس إدارتها حالياً هو ميشال غابريال المرّ، الذي لم يسلم منه حتى والده غابريال وشقيقيه جهاد وكارول (والده غابريال هو الذي أسّس وأدار القناة قبل أن يأخذها ميشال منه بطريقة غير شرعية وفقاً لقول الأول). فميشال الذي أرسل أشخاصاً ليعتدوا على والده في نيسان / أبريل 2019. وميشال هو الذي أصدرت محكمة استئناف الجنح في جديدة المتن حكماً بحقه بالحبس والتغريم في نيسان / أبريل عام 2020، في ملف هدر المال العام من خلال التخابر غير الشرعي.

منشور لوالده غابريال يوثّق لحظة محاصرته

كما يُتهم ميشال غابريال المرّ بأنه ضالع بالفساد في ملفات عديدة تبدأ من ملف الاتصالات غير الشرعية ولا تنتهي بملف المصارف والمودعين الذين شاركت قناته التلفزيونية بالتواطؤ عليهم إلى جانب المصارف، مروراً بقمع حرية ممارسة العمل النقابي للعاملين في القناة.

وهنا لا بد من الإشارة والتذكير أيضاً، بما كشفته إحدى الوثائق المسرّبة لبرقيات الخارجية السعودية التي تعود لعام 2012 أن مندوبين من وزارة الخارجية ووزارة المالية ووزارة الثقافة والإعلام ومن الرئاسة العامة للاستخبارات في السعودية اجتمعوا وقرروا تمويل محطة المر TV بمبلغ مليوني دولار سنويا، وذلك لأنها "تعاني من ظروف مالية صعبة مقابل تنفيذ تعليمات النظام السعودي وخدمة مصالح المملكة وسياستها وهو ما لم يرفضه رئيس مجلس إدارة القناة ميشال غبريال المر".

وثيقة سعودية مسربة تكشف تمويل المملكة لقناة MTV اللبنانية مقابل سياسات إعلامية

رسالة الى الـ MTV ومن يقودها

وفي الختام، نعيد تذكير قناة الـ MTV ورئيس مجلس إدارتها، أنه لا يوجد أي مشكلة في ألا نتوافق في الآراء والقيم والتطلّعات، ولا مشكلة إذا لم نتوافق في الحلفاء، لكن الأهم هو أن يبقى انتماؤنا لوطننا لبنان، وألا يكون سلوكنا هو ضد شريكنا في الوطن وفي خدمة عدو لبنان.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور