الخميس 21 آب , 2025 03:51

النظام في دمشق والعلاقة مع الكيان.. تاريخ متجدد

التطبيع السوري الإسرائيلي خيانة لفلسطين ودماء الأبرياء

يجر أحمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية في دمشق المجتمع السوري إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي رغم أن السلام مع الاحتلال لم يكن يوماً خيار السوريين، وما يزال الاستسلام مرفوضاً لدى الرأي العام ووجدان الشارع السوري.

لكن بالعودة سنوات قليلة إلى الوراء، يتضح في البيّن وجود تاريخ حافل من العلاقات التي جمعت الشرع مع نتنياهو منذ أن كان جرحى جبهة النصرة الإرهابية يدخلون المستشفيات الإسرائيلية لتلقي العلاج والطبابة.
في عام 2013، بدأت التقارير الغربية والإسرائيلية تتحدث بإسهاب عن علاقة جبهة النصرة، أو "هيئة تحرير الشام" حالياً، الوثيقة ب "إسرائيل" والدعم الذي يقدّمه الكيان لهذه الجماعة، التي تعد جزءاً من تنظيم "القاعدة". ومن أبرز تجلياتها كان نقل جرحاهم الى مستشفيات "تل أبيب"، وقد انتشرت صور نتنياهو في الإعلام الإسرائيلي وهو يزور جرحى مقاتلي الجبهة. حينها برر المسؤولون الإسرائيليون هذه المساعدة بأنها مدفوعة بـ "أسباب إنسانية" والحاجة إلى استقرار منطقة الحدود، لكن مصادر إعلامية متابعة، بما فيها "وول ستريت جورنال"، أكدت أن "إسرائيل" قدّمت للجبهة دعماً مادياً وعسكرياً، يشمل دفع الرواتب، وشراء السلاح، وتوفير الطعام والدعم اللوجستي. كما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن تل أبيب نفذّت ضربات جوية ضد الجيش السوري السابق وحلفائه لمساعدة مقاتلي جبهة النصرة على التقدم في أكثر من جبهة. ما يبرهن أن الأمر يتخطى "الأسباب الإنسانية" بل هو تعاون مدروس ومخطط له بين الجانبين.

ومن بين هذه التبريرات لهذا التعاون ما أشار اليه رئيس الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين، بأن حزب الله والقوات الإيرانية يشكلون تهديداً استراتيجياً أكبر ل "إسرائيل" من الفصائل الإرهابية المسلحة في سوريا، مؤكداً أن "القاعدة لم تقم بضرب إسرائيل مطلقاً". واستمرت هذه العلاقات منذ عام 2013 حتى تولي الجولاني السلطة في سوريا عام 2024، حيث صرح حينها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "بناء على طلب العديد من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك بيبي (نتنياهو)، رفعنا العقوبات عن سوريا".

الشعب السوري يرفض التطبيع والاستسلام

إن خيار التطبيع والتنازل عن الأرض لصالح "إسرائيل" الذي يسعى الجولاني إليه ليس خيار الشعب السوري، الذي اتسم دوماً بعروبته ورفضه لأي مشروع تعامل مع "إسرائيل"، واعتبرها عدوّاً دائماً. اليوم، يحاول الشرع خطف قرار السوريين وأخذهم نحو خيار لا يريدونه، ويبيع الجولان للاحتلال. فيما كانت سردية "هيئة تحرير الشام" والمعارضة السورية في مرحلة الثورة ضد النظام السابق تتحدث عن قيام بشار الأسد ببيع الجولان ل"إسرائيل"، إلا أن الواقع أظهر أن النظام الجديد بقيادة احمد الشرع وفي سابقة خطيرة هو الذي بدأ ببيع الجولان ويتفاوض مع الإسرائيليين في باريس وباكو، ويقدم التطمينات والتنازلات الواحدة تلو الأخرى.
بهذا، تقدم حكومة الشرع أوراق الاعتماد للكيان من أجل الحفاظ على البقاء في السلطة، وعلى أمل إطلاق يدها لاحقاً في التضييق على كل المكونات السورية والأقليات، بمن فيهم السنة المعتدلون. فالدبابات التي باتت على بعد بضع كيلومترات قليلة من دمشق، في حال انعقاد أي صفقة مع الاحتلال سيرى السوريون جنود الاحتلال يتجولون في شوارع العاصمة وحاراتها، بينما لن يُسمح لأي عسكري سوري بالتجول قرب الحدود مع "إسرائيل
" وسيتم استهدافه، وهذا ما صرحت عنه العديد من وسائل الإعلام العبرية في حال وجود أي تحرك في الأراضي التي يسيطر عليها الاحتلال.

التطبيع خيانة

يرى الشعب السوري أن التطبيع مع "إسرائيل" خيانة لدماء الشهداء في سوريا وغزة، ومنهم من يعتبره مستحيلاً، كما يرى خبراء أن الحكومة الانتقالية في دمشق ليس من صلاحياتها توقيع معاهدات سلام، خاصة مع الاحتلال، ما يجعل أي خطوة نحو التطبيع خيانة للضمير والمبادئ الوطنية.

أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإن خيانة المبدأ تتجلى أمام ما يجري في غزة، حيث تتم عملية إبادة بحق نحو مليوني فلسطيني، والغزاويون يُقتلون جوعا. امام هذا المشهد من يقبل بأن يكون الجولاني سكينا يطعنهم في ظهرهم؟ لكن الجولاني اختار التسليم والتطبيع مع الاحتلال، متجاهلاً إرادة الشعب السوري، ومشاعر مليوني فلسطيني في غزة.

في ظل هذا الواقع، هل سيتحرك الشعب السوري لمواجهة هذا الخيار ويمنع تكريس الاحتلال في الجولان والأراضي السورية المحتلة؟


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور