الإثنين 11 آب , 2025 03:50

استهداف الصحفيين في غزة: قرار مرتبط بالخطة العسكرية لاحتلال القطاع

الاحتلال يقتل الصحفيين في قطاع غزة ضمن خطة ممنهجة

مرة أخرى يثبت الاحتلال همجيته ووحشيته أمام العالم عبر استهدافه لخيمة الصحفيين في غزة، الذي أدى إلى استشهاد طاقم الجزيرة ومنهم أنس الشريف ومحمد قريقع، وهذا ما يندرج ضمن مسار واضح يهدف إلى تحييد التغطية الميدانية قبل تنفيذ خطة الاجتياح البري. هذا النمط من العمليات ليس عرضياً، بل خطوة محسوبة في سياق أوسع تُقرره القيادة السياسية الإسرائيلية رغم التحفظات الجزئية داخل المؤسسة العسكرية.

اغتيال أنس الشريف: ضربة موجهة لصوت مؤثر

أنس الشريف، الذي عمل مراسلاً ميدانياً منذ بداية الحرب، مثّل مصدراً موثوقاً للمعلومات والصور من داخل غزة. تقاريره المصورة وأسلوبه في نقل المشهد الإنساني أوجد تأثيراً ملحوظاً في الأوساط الغربية، خصوصاً على منصات التواصل والإعلام المستقل. وفق معلومات الجزيرة، كان أنس يتلقى تهديدات غير مباشرة منذ أسابيع، ما يشير إلى أن استهدافه كان جزءاً من عملية متابعة منهجية، لا نتيجة قصف عشوائي.

الصحافة كعقبة أمام تنفيذ الخطة العسكرية

أقرّت الحكومة الإسرائيلية خطة شاملة لاحتلال قطاع غزة، تتضمن عمليات برية واسعة النطاق تهدف إلى "تفكيك البنية العسكرية لحماس" وفرض سيطرة أمنية دائمة. ورغم أن بعض القيادات العسكرية أبدت تحفظاً على الجدول الزمني المقترح وعلى مخاطر العمل في بيئة مكتظة، فإن الحكومة دفعت نحو التنفيذ السريع.

من الناحية العملياتية، يدرك صناع القرار في الكيان أن وجود صحفيين مستقلين على الأرض يشكّل عنصر إعاقة، ليس عسكرياً فحسب بل سياسياً، لأن أي توثيق فوري للدمار أو استهداف المدنيين سيؤدي إلى ضغط دولي وتعقيد الموقف في الساحات الغربية الداعمة لـ "إسرائيل". لذلك، يصبح تحييد الصحفيين – سواء بالمنع أو بالاستهداف المباشر – جزءاً من متطلبات تنفيذ الخطة.

أدلة على المنهجية

وفق ما نشرته الجزيرة في 11 آب/أغسطس 2025، تم قصف خيمة الصحفيين رغم وضوح شاراتهم الصحفية وموقعهم المعروف مسبقاً للجيش. وخلال الأسابيع الأخيرة، تكرر استهداف تجمعات إعلامية، بينها فرق من وكالات أجنبية، ما يعكس نمطاً متكرراً وليس حوادث معزولة. بالإضافة إلى ما نشره المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي على صفحته عقب اغتيال الصحفيين ليلة أمس. حيث ادعى خلال منشوره أن الشريف يعمل لصالح حماس وكان يخطط لإطلاق الصواريخ على "إسرائيل" كل هذا للتغطية على الجريمة المروعة التي تتخطى كل المواثيق والقوانين الدولية. وهذا نموذج على ما تقوم به منظمات الضغط الإعلامي التابعة للكيان مثل منظمة "هونست ريبورتنغ" الكندية وغيرها التي تهاجم الصحفيين وتشكك في رواياتهم وبالتالي تعطي "الشرعية" لاغتيالهم.

الهدف النهائي: فراغ إعلامي ميداني

مع بداية الاجتياح البري، تسعى قيادة الاحتلال لخلق بيئة عملياتية لا يتواجد فيها أي طرف قادر على نقل الصورة من خارج روايتها الرسمية. غياب الصحفيين الفلسطينيين والأجانب يعني أن المعلومة ستعتمد بالكامل على البيانات العسكرية الإسرائيلية، ما يسمح بإدارة الرواية بحسب المزاج الإسرائيلي دون تناقضات أو فضائح موثقة بالصورة.

خرق للقانون الدولي

استهداف الصحفيين، كما يجري في غزة، يشكل انتهاكاً مباشراً للقانون الدولي الإنساني، وخصوصاً المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، التي تمنح الصحفيين الحماية نفسها الممنوحة للمدنيين، وتحظر استهدافهم. هذا السلوك الإسرائيلي، عندما يتكرر ويستهدف بوضوح صحفيين يحملون شارات تعريف واضحة ويقومون بمهام ميدانية موثقة، يرقى إلى جريمة حرب وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ورغم وضوح الإطار القانوني، تتسم المواقف الدولية الرسمية، خاصة من الحكومات الغربية والعربية، إما بالصمت أو الاكتفاء ببيانات إدانة عامة لا تتبعها أي إجراءات محاسبة، ما يفسح المجال أمام كيان الاحتلال لتكرار الانتهاكات. ويستفيد الاحتلال من شبكة دعم سياسي ودبلوماسي راسخة، خصوصاً من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، التي توفر غطاءً يمنع تفعيل آليات العقاب الدولي، ويحوّل القوانين الدولية إلى نصوص شكلية بلا قوة إلزامية على الأرض.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور