الإثنين 11 آب , 2025 03:44

ذا غارديان: "إسرائيل" تعترف بقتلها المتعمد للصحفيين

الاحتلال يغتال الكلمة للتعتيم على جرائمه

في استهداف متعمد استشهد الصحفي في قناة الجزيرة، أنس الشريف، وأربعة من زملائه، في قصف إسرائيلي استهدف مخيماً للصحفيين قرب مستشفى الشفاء في غزة، وسط اتهامات إسرائيلية له بالانتماء لحماس، نفتها منظمات حقوقية واعتبرتها ذريعة لإسكاته بسبب تغطيته الميدانية المكثفة للحرب والمجاعة في القطاع. يسلط المقال الذي نشرته صحيفة "ذا غارديان" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، الضوء على سلسلة طويلة من استهداف صحفيي الجزيرة وأسرهم منذ بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، ما أدى إلى مقتل مئات الصحفيين الفلسطينيين، في ظل منع دخول الإعلام الأجنبي لغزة، ويبرز الانتقادات الدولية المتصاعدة لسياسة "إسرائيل" تجاه حرية الصحافة وحماية الإعلاميين في مناطق الحروب.

النص المترجم:

قُتل صحفي بارز في قناة الجزيرة كان قد تلقى تهديدات سابقة من "إسرائيل"، إلى جانب أربعة من زملائه، في غارة جوية إسرائيلية.

أنس الشريف، الذي كان أحد أبرز وجوه الجزيرة في غزة، قُتل بينما كان داخل خيمة مخصصة للصحفيين خارج مستشفى الشفاء في مدينة غزة مساء الأحد. وأُقيمت جنازته صباح الاثنين.

وبحسب قناة الجزيرة، فقد أسفر الهجوم عن مقتل سبعة أشخاص في المجموع، من بينهم الشريف، ومراسل الجزيرة محمد قريقع، ومصورون هم إبراهيم زاهر، ومحمد نوفل، ومؤمن عليوة.

اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بالهجوم، زاعماً أن الصحفي كان "يشغل منصب قائد خلية إرهابية في تنظيم حماس وكان مسؤولاً عن تنسيق هجمات صاروخية ضد المدنيين الإسرائيليين وقوات الجيش الإسرائيلي". وأضاف أنه يمتلك معلومات استخباراتية ووثائق عُثر عليها في غزة كدليل، لكن ناشطي حقوق الإنسان أكدوا أن استهدافه جاء بسبب تغطيته الميدانية للحرب على غزة، وأن الادعاءات الإسرائيلية تفتقر إلى الأدلة.

وصف أنس الشريف بأنه "أحد أشجع صحفيي غزة"، قالت شبكة الجزيرة إن "الهجوم كان محاولة يائسة لإسكات الأصوات تمهيداً لاحتلال غزة".

وفي الشهر الماضي، نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، مقطع فيديو للشريف على منصة إكس واتهمه بالانتماء إلى الجناح العسكري لحركة حماس. حينها، وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية التعبير، إيرين خان، ذلك بأنه "ادعاء بلا أساس" و"اعتداء صارخ على الصحفيين".

في يوليو/تموز، قال أنس الشريف للجنة حماية الصحفيين إنه يعيش مع "شعور بأنني قد أتعرض للقصف وأستشهد في أي لحظة".

وبعد الهجوم، أعربت لجنة حماية الصحفيين عن "صدمتها" إزاء مقتل الصحفيين، مضيفةً

إن نمط "إسرائيل" في وصف الصحفيين بالمسلحين دون تقديم أدلة موثوقة يثير تساؤلات جدية حول نواياها واحترامها لحرية الصحافة، وفق ما قالت مديرة اللجنة الإقليمية سارة قداح. وأضافت: "الصحفيون مدنيون ويجب ألا يُستهدفوا أبداً. ويجب محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم". كما أدانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين ما وصفته بـ "جريمة دموية" و"عملية اغتيال".

وفي يناير/كانون الثاني من هذا العام، وبعد وقف إطلاق النار بين حماس و"إسرائيل"، حظي الشريف باهتمام واسع عندما خلع درعه الواقي على الهواء مباشرة وسط عشرات من سكان غزة الذين كانوا يحتفلون بوقف مؤقت للأعمال القتالية.

قبل دقائق من مقتله، نشر أنس الشريف على منصة اكس: "قصف إسرائيلي مكثف ومركز باستخدام أحزمة نارية يستهدف المناطق الشرقية والجنوبية من مدينة غزة".

وفي رسالة أخيرة قالت قناة الجزيرة إنها كُتبت في 6 نيسان/أبريل ونُشرت على حساب الشريف في اكس بعد وفاته، كتب الصحفي: "عشت الألم بكل تفاصيله، وتذوقت المعاناة والفقدان مرات عديدة، ومع ذلك لم أتردد ولو للحظة في نقل الحقيقة كما هي، بلا تحريف أو تزييف".

وأضاف: "الله يشهد على من صمت، ومن قبل بقتلنا، ومن خنق أنفاسنا، ومن لم تتحرك قلوبهم أمام أشلاء نسائنا وأطفالنا، ولم يفعلوا شيئاً لوقف المجزرة التي يواجهها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف".

يبلغ الشريف من العمر 28 عاماً، ويترك خلفه زوجة وطفلين صغيرين. كان والده قد قُتل في غارة إسرائيلية استهدفت منزل العائلة في مخيم جباليا للاجئين بمدينة غزة في ديسمبر/كانون الأول 2023، وقال حينها إنه سيواصل عمله الصحفي ورفض مغادرة شمال غزة.

قال صحفي آخر في قناة الجزيرة بغزة، هاني محمود: "ربما يكون هذا أصعب خبر أقدمه خلال الأشهر الاثني والعشرين الماضية. أنا لست بعيداً عن مستشفى الشفاء، فقط على بعد مبنى واحد، وتمكنت من سماع الانفجار الهائل الذي وقع خلال نصف الساعة الماضية قرب المستشفى".

"رأيت الانفجار وهو يضيء السماء، وفي غضون لحظات انتشر الخبر بأنه استهدف مخيم الصحفيين عند البوابة الرئيسية لمستشفى الشفاء". وأضاف محمود أن أنس الشريف وزملاءه ظلوا يغطون الأوضاع في غزة منذ بداية النزاع، مشيراً إلى أن "من المهم الإشارة إلى أن هذا الهجوم يأتي بعد أسبوع واحد فقط من اتهام مباشر من مسؤول عسكري إسرائيلي لأنس، وحملة تحريض علنية ضده وضد مراسلي الجزيرة على الأرض، بسبب عملهم، وبسبب تغطيتهم المستمرة لقضايا الجوع والمجاعة وسوء التغذية".

قتلت "إسرائيل" عدداً من صحفيي قناة الجزيرة وأفراد أسرهم، من بينهم حسام شباط الذي قُتل في آذار/مارس، وإسماعيل الغول ومصوره رامي الرفاعي اللذان قُتلا في آب/أغسطس.

كما فقد كبير المراسلين، وائل الدحدوح، زوجته وابنه وابنته وحفيده في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأُصيب هو نفسه في هجوم بعد أسابيع، قُتل فيه مصور الجزيرة سامر أبو دقة.

وتشير التقارير إلى أن "إسرائيل"، التي تمنع دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة وتستهدف الصحفيين المحليين، قتلت 237 صحفياً منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة. أما لجنة حماية الصحفيين فتؤكد أن ما لا يقل عن 186 صحفياً قُتلوا في النزاع. وتُنكر "إسرائيل" استهداف الصحفيين عمداً.


المصدر: The Guardian

الكاتب: Lorenzo Tondo




روزنامة المحور