الأربعاء 10 أيلول , 2025 03:00

ذا ناشيونال انترست: ترامب يتصرف بحماقة مع مصالح أميركا

ترامب ينفي معرفته بالهجوم مسبقاً على الدوحة والأدلة تثبت العكس

تضع الضربة الإسرائيلية الأخيرة في الدوحة السياسة الأمريكية القائمة في المنطقة في مأزق غير مسبوق. حيث استهدفت الغارة القيادة العليا لحركة حماس بالقرب من القاعدة الأمريكية الموجودة في قطر، ما أثار تساؤلات حول مدى موافقة واشنطن المسبقة ومصداقيتها لدى شركائها في الخليج. في مقال نشره موقع "ذا ناشيونال انترست" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، يشير إلى أن نتنياهو يسعى لتحقيق أهدافه العسكرية في غزة دون اعتبار للجهود الأمريكية لإنهاء الحرب، مما يهدد العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية ويضع واشنطن أمام خطر التورط مستقبلاً. المقال يستعرض انعكاسات هذه الضربة على "الثقة الأمريكية" في المنطقة، وتأثيرها على "مساعي إدارة ترامب لتعزيز الروابط بين إسرائيل ودول الخليج"، ويبرز الحاجة الملحة لتجنب المزيد من الانتهاكات الخطيرة للمصالح الأمريكية.

النص المترجم:

الضربة الإسرائيلية في الدوحة تضع استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في موقف شديد الخطورة.

هذا ليس أمراً عادياً صباح اليوم، بتوقيت واشنطن، استقبلنا أخباراً عن غارات جوية إسرائيلية في الدوحة استهدفت القيادة العليا لحركة حماس. ونظراً لأن الولايات المتحدة لديها مقرها العسكري الإقليمي في قاعدة العديد الجوية بقطر، على بعد أقل من 30 ميلاً من المباني التي استهدفتها قوات الدفاع الإسرائيلية، بدا للعديد من المراقبين أن الرئيس ترامب ربما يكون قد أعطى الضوء الأخضر للعملية الإسرائيلية. وإذا كان هذا صحيحاً، فإن ذلك يشكل خرقاً هائلاً للثقة ليس فقط مع قطر، بل مع باقي دول الخليج العربي، التي لطالما اعتبرت الولايات المتحدة "شريكاً أمنيا موثوقاً".

بعد ساعات من الغارة، حاولت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت تجاهل الضربة، وعدم إدانتها بشكل صريح. ووفقاً لليفِيت، فقد أبلغ المبعوث الخاص الأمريكي ستيفن ويتكوف المسؤولين القطريين قبل العملية بفترة قصيرة. وأكد الرئيس ترامب لاحقاً هذا السيناريو عبر منصة "تروث سوشيال". ومع ذلك، صرّح وزارة الخارجية القطرية بأن الاتصال بالمسؤولين القطريين تم فقط عند بدء الانفجارات، وليس قبل الغارات كما ذُكر.

بينما نجا العديد من كبار قادة حماس، "قُتل" آخرون مثل همام الحيّة، ابن زعيم حماس خليل الحيّة، وثلاثة مسؤولين آخرين في الحركة خلال الهجمات. كما كان من بين "القتلى" عضو في قوات الأمن القطرية ومدير مكتب الحيّة. والأمر الأكثر إثارة للدهشة، بحسب ليفيت، أن البيت الأبيض علم بالغارة الإسرائيلية من الجيش الأمريكي، وليس من المسؤولين الإسرائيليين. وأضافت ليفيت أن الرئيس ترامب تحدث مع أمير قطر تميم، وتعهد بأن هذا لن يتكرر.

بعد ذلك بقليل، صرح مسؤولون إسرائيليون لقناة 12 الإسرائيلية أن الرئيس ترامب قد أعطى بالفعل "إسرائيل" الضوء الأخضر للعملية. كما قال مسؤول في البيت الأبيض لوكالة فرانس برس: "لقد تم إعلامنا مسبقا".

إن الانعكاسات على المصالح الأمريكية هنا عميقة جداً. إذا كانت الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر لضربة على الأراضي القطرية من قبل "إسرائيل"، بالقرب من قاعدة أمريكية مباشرة، فسيُنظر إلى ذلك على أنه خرق كبير للثقة، مما يقوض الدور الطويل الأمد للولايات المتحدة كشريك أمني رئيسي لدول الخليج العربي.

ومن المهم أيضاً ملاحظة أن حكومات خليجية أخرى أعربت عن غضبها من العمل الإسرائيلي وأعلنت تضامناً غير مشروط مع قطر، بما في ذلك بعض الدول التي غالباً ما تختلف مع الدوحة. بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن الأمر ليس سياسياً فحسب، بل اقتصادي أيضاً، حيث أن تصور شبه الجزيرة العربية كوجهة آمنة للزوار والمستثمرين الأجانب أمر بالغ الأهمية لخطط التنويع الاقتصادي.

يبدو أن نتنياهو يهدف إلى منع أي احتمال أن تقدم حماس إجابة إيجابية لشروط ترامب. نتنياهو ووزراؤه من اليمين المتطرف على وشك تحقيق هدفهم المتمثل في تدمير مدينة غزة بالكامل، الجزء الأخير القابل للسكن في غزة، ولن يسمحوا لترامب أن يقف في طريقهم.

حتى مع غموض الحقائق حتى الآن، من الواضح من تصريحات كارولين ليفيت أن البيت الأبيض تفاجأ إلى حد ما بهذا التطور. ليس في مصلحة الولايات المتحدة أن تتصرف "إسرائيل" بشكل فاضح خارج المعايير الدولية تجاه شركاء أساسيين مثل قطر. يحتاج الرئيس ترامب إلى التدخل مع نتنياهو، موضحاً أن للولايات المتحدة مصالح في المنطقة تتجاوز "إسرائيل".

تضع هذه الغارة الولايات المتحدة في موقف أبعد من أي وقت مضى عن الهدف الاستراتيجي المتمثل في تعزيز الروابط بين "إسرائيل" ودول الخليج العربي من خلال اتفاقيات "ابراهام"، كما يوحي بأن الولايات المتحدة قد تتفاجأ مرة أخرى في المستقبل القريب إذا قام نتنياهو بخطوات كبيرة دون التنسيق مع واشنطن، خاصة فيما يتعلق بالتحركات مع إيران. يحتاج الرئيس ترامب إلى الوفاء بوعده بوضع أمريكا أولاً، مما يعني ألا يسمح لنفسه بأن يُستغل كالأحمق كما حدث صباح اليوم.


المصدر: The National Interest

الكاتب: Greg Priddy




روزنامة المحور