الخميس 26 حزيران , 2025 03:53

اقتصاد مشلول وشعب محاصر.. الحرب القصيرة التي كبّدت الاحتلال خسائر هائلة

الدمار في إسرائيل جراء الصواريخ الايرانية

في 13 حزيران 2025، اندلعت مواجهة عسكرية مباشرة وغير مسبوقة بين الجمهورية الإسلامية في إيران والكيان المؤقت، مثّلت محطة مفصلية في مسار الصراع بين الطرفين. وعلى الرغم من قصر مدّتها، فقد أفرزت الحرب خسائر كبيرة ومتنوعة على المستويين العسكري والمدني، وخلّفت آثارًا استراتيجية بعيدة المدى.

كانت التكلفة البشرية والأمنية المباشرة أثقل على إيران، خاصة بفقدانها عددًا كبيرًا من القادة العسكريين والعلماء النوويين. لكن تكبّد الكيان المؤقت الجانب الأكبر من الضرر الاقتصادي والاجتماعي، حيث أصيبت قطاعاته الحيوية بالشّلل، مع تراجع في تصنيفه المالي، وضغوط هائلة على الجبهة الداخلية بفعل تعطّل الحياة اليومية، والإغلاق، وسيطرة القلق، والخوف.

خسائر الكيان المؤقت

الخسائر الاقتصادية:

تعطيل الاقتصاد اليومي: تسبب إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب بخسائر تُقدّر بحوالي 1.5 مليار شيكل يوميًا، وفقًا لنائب مدير الاقتصاد في الهستدروت.

الدمار المادي للمنشآت:

- قُدّرت الخسائر في معهد وايزمان وحده بنحو 2 مليار شيكل.

- لحقت أضرار واسعة بمنشآت استراتيجية ومدنية داخل العمق الإسرائيلي، شملت مصفاة بازان في حيفا، شركة الكهرباء في أسدود، ومرافق في تل أبيب وبئر السبع. كما استُهدفت مواقع حيوية مثل معهد فايتسمن للعلوم في رحوفوت ومستشفى سوروكا، وأُعلن عن تدمير عشرات المباني، بينها 25 تقرّر هدمها بشكل كامل.

الأضرار في الجبهة الداخلية:

- تقدّر الخسائر في الممتلكات (شقق، سيارات، محتويات المنازل) بـ نحو 3 مليارات شيكل، عدا الأضرار غير المباشرة.

- سُجّلت حوالي 40 ألف مطالبة تعويض منذ بدء الحرب مع إيران.

كلفة التعويضات الحكومية: تقدّر الكلفة الإجمالية للتعويضات، بما يشمل الخسائر غير المباشرة كخسائر الشركات وتوقف النشاط الاقتصادي، بأكثر من 670 مليون دولار، ومن المرجّح أن تتجاوز ذلك بكثير، حيث يتوقّع أن يصل إلى 5 مليارات شيكل.

القطاع المالي:

- شهدت بورصة تل أبيب انهيارًا حادًا، خاصة في قطاعات السياحة، والبنوك، والنقل، والتمويل.

- انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنسبة 12% خلال أسبوع واحد (10-17 حزيران 2025)، مع خسائر سوقية تجاوزت 5 مليارات دولار.

- فقد الشيكل 3% من قيمته، وسط تسارع التحويل نحو العملات الأجنبية والذهب.

- ارتفعت الفائدة على السندات الحكومية نتيجة تحوّل المخاطر من افتراضية إلى واقعية.

- توقعت الأسواق عجزًا ماليًا يتجاوز 6% من الناتج المحلي، مقارنة بالسقف المحدد (4.9%).

- خفّضت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل"، وسط توقّعات بعجز يبلغ 9% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع الدين العام.

- تزايد الضغوط على الميزانية العامة التي تعاني أصلًا من عجزٍ متكرر، مع مؤشرات على تراجع احتياطي النقد الأجنبي، مما يُضعف قدرة "إسرائيل" على الاستجابة للأزمات مستقبلاً.

السياحة والطيران: انهيار القطاع بنسبة تجاوزت 70% بعد تعليق الرحلات وإغلاق الأجواء، مما حوّل أكثر من 6 ملايين مستوطن إلى رهائن داخل الجغرافيا.

قطاع التكنولوجيا والاستثمار:

- تأجيل عدد كبير من المشاريع الناشئة، خاصة في قطاع التكنولوجيا.

- تباطؤ حادّ في تدفقات الاستثمار الأجنبي.

الغاز والطاقة: تجاوزت الخسائر الأسبوعية الناتجة عن توقف إنتاج وتصدير الغاز 300 مليون شيكل.

- الأنشطة التجارية والخدمية: شهدت الشركات الصغيرة، خاصة في قطاع المطاعم والخدمات، توقفًا ملحوظًا، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات عامة وخاصة.

الخسائر العسكرية

- تكاليف الأنظمة الدفاعية والهجومية: بلغت تكلفة الاعتراضات الجوية باستخدام أنظمة مثل "مقلاع داود" و"أرو" مستويات مرتفعة للغاية؛ إذ تصل تكلفة كل عملية اعتراض عبر "مقلاع داود" إلى نحو 700 ألف دولار، في حين يكلف اعتراض صاروخ واحد بواسطة "أرو 2" حوالي 3 ملايين دولار، وبـ"أرو 3" نحو 4 ملايين دولار، وفقًا للباحث يهوشوا كاليسكي من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.

العبء المالي اليومي:

- بلغت تكلفة تشغيل أنظمة الدفاع الجوي وحدها قرابة 200 مليون دولار يوميًا.

- بلغت نفقات الوقود والذخائر اليومية نحو 300 مليون دولار.

- وصلت التقديرات إلى نحو مليار شيكل يوميًا كتكلفة إجمالية لكل يوم قتال داخل إيران.

خسائر في العتاد: أسفرت المعارك عن إسقاط طائرتين مسيّرتين تابعتين لسلاح الجو الإسرائيلي، بحسب مصادر إعلامية عبرية.

تعرّض وزارة الدفاع ومقر الموساد وعددًا من القواعد العسكرية للاستهداف (كرياه، نيفاتيم، عوفدا...).

التكاليف الإجمالية: قدّرت التكلفة الأمنية الشاملة للحرب بحوالي 40 مليار شيكل (نحو 11 مليار دولار).

الخسائر المدنية والبشرية

- الخسائر البشرية: بلغ عدد القتلى الإسرائيليين 29 شخصًا بين مدني وجندي، فيما تجاوز عدد الجرحى 3491، تفاوتت إصاباتهم بين الطفيفة والخطيرة.

- الدمار السكني والتشريد:

- تضرّر نحو 31 ألف مبنى، ودُمِّرت 4 آلاف مركبة، وفقًا للقناة 12 الإسرائيلية.

- تسببت الضربات في دمار مئات الشقق والمنازل، ما أدى إلى تشريد حوالي 15 ألف شخص.

- تقدّم نحو 38,700 مواطن بطلبات تعويض رسمية عن أضرار لحقت بممتلكاتهم أو مصادر دخلهم.

- قُدّرت الأضرار الاقتصادية الناتجة عن استهداف المناطق المدنية والمنشآت بما بين 4.5 و5 مليارات شيكل (ما يعادل 1.2 إلى 1.35 مليار دولار).

- القطاع التربوي: أُجبر أكثر من 90% من الفصول الدراسية الأساسية على التحول إلى التعليم عن بُعد خلال الأسبوع الأخير من القتال، نتيجة انعدام الأمن.

- الإغلاق الجوي والعزلة: أُغلق المجال الجوي الإسرائيلي بالكامل، بما في ذلك مطار بن غوريون، ما أدّى إلى عزل أكثر من 150 ألف إسرائيلي خارج البلاد.

- التأثير النفسي والمجتمعي: أدّت الحرب إلى تصاعد مشاعر انعدام الأمان، وظهور دعوات متزايدة لتعزيز منظومات الحماية المدنية، وسط انتقادات لضعف جاهزية الملاجئ والغرف المحصنة في المناطق المستهدفة.

كشفت الحرب بين إيران والكيان المؤقت عن تفاوت جوهري في طبيعة الخسائر التي تكبّدها الطرفان؛ إذ منيت إيران بخسائر استراتيجية نوعية، تمثّلت في اغتيال قيادات عسكرية وعلمية رفيعة المستوى، إلى جانب أضرار طالت منشآتها النووية، التي لم يتضح حجمها الكامل بعد، ما يجعل تقييم تأثيرها الفعلي على برنامجها النووي رهنًا بما ستكشفه التطورات القادمة، سواء كانت أضرارًا جوهرية أو محدودة التأثير. في المقابل، تعرّض الكيان المؤقت لخسائر اقتصادية ومجتمعية واسعة وغير مسبوقة، أدّت إلى شلل قطاعات حيوية، وزعزعة الاستقرار الداخلي، وتآكل ثقة الجمهور بمؤسساته. وبناءً عليه، يمكن القول إن هذه المواجهة فرضت معادلة ردع جديدة؛ حيث دفعت إيران كلفة استراتيجية عالية، بينما تكبّد الكيان المؤقت أثمانًا باهظة على المستويين المالي والمجتمعي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور