الأربعاء 13 آب , 2025 01:30

علي لاريجاني: أحد عقول إيران السياسية

علي لاريجاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني

يُعد علي لاريجاني أحد أبرز العقول السياسية في إيران منذ عقود، حيث لعب أدواراً حاسمة في مفاصل السياسة والأمن، داخلياً وخارجياً. يتميز بخليط فريد من الخلفية الفكرية والثقافية العميقة والخبرة الميدانية الواسعة، إلى جانب قدرته على المناورة السياسية وحيازة ثقة القيادة العليا، وهو ما جعله حاضراً في أهم الملفات الاستراتيجية للجمهورية الإسلامية.

النشأة والتعليم

وُلد لاريجاني عام 1957 في مدينة النجف الأشرف بالعراق، حيث كان والده آية الله ميرزا هاشم أميني لاريجاني مقيماً للدراسة والتدريس في الحوزة العلمية. تعود أصول العائلة إلى مدينة لاريجان في محافظة مازندران الإيرانية، وهي أسرة دينية معروفة بالعلم والالتزام. عاد مع أسرته إلى إيران في طفولته، وأكمل مراحله الدراسية في أجواء ثقافية وعلمية صقلت شخصيته.

درس الرياضيات والكمبيوتر في جامعة شريف الصناعية وفي العشرين من عمره تزوج من ابنة العالم الشهيد مرتضى مطهري، ثم حصل على الدكتوراه في الفلسفة الغربية من جامعة طهران، ما منحه قدرة على التفكير التحليلي واستيعاب المدارس الفكرية المختلفة. يتقن عدة لغات، لا سيما اللغة العربية الأمر الذي ساعده في أدواره الدبلوماسية والتفاوضية.

المسار المهني والمناصب

منذ بداياته، جذب لاريجاني الأنظار بذكائه وهدوئه وقدرته على قراءة المشهد السياسي بدقة، فاختير لشغل مناصب حساسة، منها:

نائب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي للشؤون السمعية والبصرية 1981. -

نائب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات 1989. -

-رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (1994–2004)، حيث طوّر الإعلام الرسمي ووسّع حضوره الإقليمي.

-أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي (2005–2007)، وقاد المفاوضات النووية مع الاتحاد الأوروبي.

-مستشار الإمام السيد علي الخامنئي للشؤون الاستراتيجية بعد خروجه من المجلس.

-رئيس مجلس الشورى الإسلامي (2008–2020)، ليصبح أحد أطول رؤساء البرلمان بقاءً في المنصب، وشارك في صياغة العديد من القوانين والسياسات المحورية.

-في شهر آب/أغسطس عام 2025، أعيد تعيينه أميناً عاماً للمجلس الأعلى للأمن القومي.

مستشار مقرّب للسيد الخامنئي

ارتبط اسم لاريجاني دوماً بكونه مستشاراً مقرّباً للسيد علي الخامنئي، خاصة في القضايا التي تتطلب مزيجاً من الحس الأمني والرؤية السياسية بعيدة المدى. قدرته على فهم التوازنات الداخلية والخارجية جعلته موثوقاً في الملفات الحساسة، من المفاوضات النووية إلى إدارة الأزمات الإقليمية.

مواقفه السياسية

يُعرف لاريجاني بقدرته على التحاور مع مختلف الأطياف، سواء في الداخل الإيراني أو خارجه، مع التمسك بثوابت السياسة الإيرانية، خصوصاً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ودعم محور المقاومة، ورفض الضغوط الغربية على برنامج إيران النووي والصاروخي.

الزيارة الأولى بعد التعيين

تأتي زيارته الحالية إلى العراق ولبنان كأول جولة خارجية بعد توليه مجدداً منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، على مدى ثلاثة أيام، في توقيت إقليمي حساس.

في العراق: شارك في توقيع اتفاقية أمنية مشتركة.

في لبنان: أكد دعم إيران لوحدة واستقلال لبنان، في ظل أجواء سياسية وأمنية دقيقة، مشددًا على أن بلاده تحمل "رسائل" إلى المنطقة.

دلالات الزيارة

التحرك الخارجي الأول للاريجاني بعد عودته إلى منصبه يؤشر إلى دور محوري سيضطلع به في الملفات الإقليمية. فاختيار لبنان والعراق كمحطتين أوليتين يعكس أولوية الجغرافيا القريبة في استراتيجيات الأمن القومي الإيراني، ورسالة واضحة بأن دعم الحلفاء في المنطقة سيظل ثابتاً رغم التحديات.

يُعرف لاريجاني بقدرته على الجمع بين الحزم الدبلوماسي والفكر الاستراتيجي، وهو ما جعله لاعباً رئيسياً في الملفات الحساسة لإيران، سواء في المفاوضات الدولية أو في رسم السياسات الداخلية والخارجية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور